رسالة إلى محب الغناء
للشيخ خالد الراشد
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ..ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ..من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }..{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }..{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً }..أما بعد :فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..وشرَّ الأمور محدثاتها ..وكل محدثة بدعة ..وكل بدعة ضلالة ..وكل ضلالة في النار ..عباد الله ..والله إنها لمصيبة عظمى ..وطامة كبرى ..ورزية ما بعدها رزية ..والله إنها لمصيبة عظمى ..وطامة كبرى ..ورزية ما بعدها رزية ..ففي الوقت الذي ..يُمزَّق الإسلام وأهله في كل مكان ..والعدو يستولي على الثروات ..والدماء المسلمة تُهدر رخيصة في فلسطين والعراق ..وبينما الإسلام يأن ويشتكي ..إذا بإعلامنا بكل وسائله وقنواته ..يدعو الأجيال ويربيهم على الانحلال والضياع ..فلا ترى في إعلامنا إلا ..إختلاط ، ورقص ، وغناء ، وفجور ، وفسق ، وتنافس على المنكرات ..كلما أراد الجيل المسلم الاستيقاظ ..خدروه وحاربوه ..حرب على الفضيلة في كل مكان ..والهدف من ذلك ..إنشاء وتربية جيل خاضع ، وخانع للكفار ..ثقافته ..موسيقى ، ورياضة ، وألحان ..هدفه ..إشباع الغرائز ..واتباع الشهوات ..إنها خطة ساقطة ومهينة من عبَّاد الدرهم والدينار ..هل نجحوا ؟!..للأسف ..نعم ..للأسف ..نعم ..وأفسدوا ملايين من الفتيان والفتيات ..أفسداو ملايين من الفتيان والفتيات..فويل لهم ..ثم ويل من غضب الجبار ..قال الله : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ..عباد الله ..لقد ارتكبت أمة الإسلام بالأندلس بالأمس ما حذَّر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون ..الحر ، والحرير ، والخمر ، والمعازف ) ..فخالفوا الأوامر ..واتبعوا الشهوات ..واتخذوا القينات ، والمعازف ..وأنفقوا الأموال الطائلة ..وأهدروا ثروات الأمة في سبيل ذلك ..بل ..أصبح المرضى يُعالجون في المستشفيات بالموسيقى والألحان ..فحلَّ بهم بلاء عظيم استأصل شأفتهم ولم يبقَ منهم أحد { وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ..أعندكم نبأ من أهل أندلس
بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم
يا من لذلة قوم بعد عزهم
فقد سرى بحديث القوم ركبان
واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
أحال حالهم كفر وطغيان
وها نحن اليوم ..نكرر نفس الخطأ ..ونسير على خطى الهالكين ..إنه الغناء ..الذي دمَّر الأولين ..وسيدمر الآخرين ..إنه الغناء _ عباد الله _ ..الذي خدَّر الأمة ..وجعلها في آخر الركب ..بعد أن كانت في أوله ..وكانت قائدة ورائدة العالمين ..يالله ..ماذا جرى لأمتنا ..وأصبحت ترفع وتكرِّم الساقطين والسافلين..يا سبحان الله ..بعد أن كانت الجامعات العربية تعقد الاحتفالات والمؤتمرات ..لتكريم المتميزين علمياً ، وأخلاقياً ..تبدل الحال ..وأصبحوا يكرمون ..صاحب أحسن رقصة ..وصاحبة أحسن أغنية ..سبحان الله ..بعد أن كنا ..ننام ونستيقظ على الأذان ..أصبحنا ..ننام ونستيقظ على الألحان ..كان لحن الحياة فينا أذاناً
يملأون الوجود براً ونوراً
وإذا اللحن صيحةٌ من رفيع
فغدت أمتي مع اللحن سكرى
يتغنى به الأباة الصيد
حين يصحو على الأذان الوجود
وإذا الترس في المعامع عود
يرسل اللحن فاجرٌ عربيد
بل لقد بلغ بنا الضياع _ عباد الله _ ..أنَّ دولة عربية منحت غانية ، مزواجة ، وماجنة لعوباً ..لقب فارس ..منحوها لقب فارس ..يوم أن قلَّ الفرسان ..وقلدوها أرفع وسام في حفل رسمي ضمَّ القادة والسادة ..يقولون بطلة ..وهي _ والله _ ..ساقطة ..يقولون أججت في الشباب روح التضحية ..وهي ..أماتت الشهامة ، وقتلت الحماس ..يقولون فنانة ..وهي ..فاجرة ، خليعة ..وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : ( من ورائكم أيام خدَّاعات يُصدَّق فيها الكاذب ، ويُكَّذب فيها الصادق ، ويُؤتمن فيها الخائن ، ويُخوَّن فيها الأمين ) ..ألسنا في زمن تُسمى فيه الأشياء على غير مسمياتها !!..أليست هذه هي العلامات !!..سبحان الله ..كان اللحن أذاناً ..فصار عوداً ولحنا..كنا أحياءً ..فصرنا كالأموات وإن كان بنا حراك ..ويح أمتنا ..صارت تأمر بالمنكر ..وتنهى عن المعروف ..بعد أن كانت مع معززة مكرمة ..أضحت لقمة للآكلين والجبناء ..كان شعارها الآخاذ .. الله أكبر ..لكنها استبدلت الأدنى بالذي هو خير ..كانت تجارتها ذكراً لله ، وجهاداً ..فأصبحت تجارتها رذائل سموها فنوناً ..عليها تنام وعليها تفيق ..عباد الله ..كانت انتصاراتنا تملأ الكون طولاً وعرضاً ..انتصارات حققناها على أكتاف الرجال ..بالسيف ، والسلاح ، والمدفع ، والدبابة ..فاسمع ماذا جرى ..اسمع _ رعاك الله _ ماذا جرى ..يقول شاعر القدس يوسف العظم:بعد هزيمة حزيران ، وضياع الأقصى ، واحتلال سيناء ، والجولان .._ يقول _ كنا نتابع الأخبار عبر المذياع ..نستمع إلى صوت المذيع المعروف أحمد سعيد ..وهل من عربي يجهل أحمد سعيد ..ذلك السعيد التعيس ..الذي زرع البحر بطيخاً ..سمعناه قبيل إعلان سقوط سيناء والجولان ..سمعناه يطمئن العرب الذين استقوا أنباءه الصادقة من مذياعه العتيد .. من صوت العرب ..سمعناه وهو يزمجر كانه أسد وإذا به قطة ..سمعناه يزمجر كأنه أسد وإذا به قطة ..معذرة لا أريد ثناء عليه فلربما استأسدت القطة ..سمعناه يخاطبنا وكأننا أغنام ..سمعناه يقول والمعركة على أشدها ..بشرى يا عرب ..بشرى يا عرب .._ يقول _ فخُيّل إلينا أنَّ نصراً حاسماً قد حققناه ..يقول شاعرنا :كنت يومها أستعد للزواج ..فقلت لعلني أقضي عرساً هنيئاً في الناصرة أو في حيفا ..وكم كانت الصدمة موجعة حين سمعت بشارته ..وهو يقول :أبشروا يا عرب ..أبشروا يا عرب ..أم كلثوم معكم في المعركة ..شادية تقاتل معكم ..فادية كامل تناضل إلى جانبكم ..فانهزمنا ..وتقابلت مع عروسي على الجسر المتهدم ..وكان عرساً مشبعاً بمرارة الذلّ والهوان ..وكيف لقلب مسلم يغار على دين الله وعلى حمى الإسلام ..فلا ينفطر ألماً حين يرى غانية تقود أمتنا في الحرب ..تقود أمتنا للحرب غانية
وكم لعوب تهاووا عند أرجلها
الدق الرق والمزمار عدتنا
والجيش في الزحف قد ألهته مغناة
كما تهاوت على نار الفراشات
والخطب عدته علم وآلات
حصل ما حصل ..واُحتلت ديارنا ، وبلادنا ، وصحراؤنا ، وهضابتنا ..ولم نستفد من الدرس ..ولم نستفد من الدرس ..بل قست قلوبنا ..وساءت أحوالنا ..واجتهد أعداؤنا في القضاء على البقية الباقية فينا ..ولم يجدوا سلاحاً أفتك فينا ..من الكأس ، والغانية ..وسلطوا علينا ..عبَّاد الدرهم والدينار من أصحاب الشاشات والقنوات ..والله ..ما تتناقله وسائل إعلامنا ..من موسيقى ، وألحان ..ودعوة إلى الخنا ، والفجور ..لأكبر شهادة ..على خيانة هذا الأعلام ..ووقاحته ..وأنه أكبر عميل للأعداء ..وها هي ثمرات التربية الإعلامية الخائنة تظهر لنا في كل مكان ..لقد ربوا لنا أجيالاً ..لا نعرف من إسلامها إلا الأسماء ..أما الأشكال والهيئات فلقد قلدوا وتشبهوا بالكفار ..ربوا لنا أجيالاً ..هجرت المصاحف والمساجد ..وتسجد عند أقدام المطربات والراقصات ..ربوا لنا أجيالاً ..بدلت الخنادق بالمراقص ..وبدلوا البنادق بكؤوس الخمر المترعات ..ربوا لنا أجيالاً ..تعيش على اللمسات الحانية ، والنغمة الهادئة والصاخبة ..وما أكاديمي ستار ..إلا ثمرة من ثمرات الموسيقى والألحان ..فماذا تنتظرون ؟!..ماذا تنتظرون ؟!..من جيل الموسيقى ، والألحان ..وجيل أكاديمي ستار ..هل تريدون من هذا الجيل ..أن يحرر الأقصى ..أو يسترد الجولان ..أو أن يطرد الغزاة من العراق ..كلا ..هؤلاء سيكونون قنوات لعبور العدو ..وألعوبة في يده ..وعبيد يشتاقون لمن يمسك بخطامهم .. لن ينصروا قضية ..ولن يطلبوا حقاً ..ولن يمنعوا دياثة ..ولن يحفظوا شرفاً ولا كرامة ..أمثال هؤلاء ..سيسلمون للعدو مفاتيح الحصون الأخيرة من حصون الإسلام ..وسيرقصون معهم على الأوتار ، والألحان..بل سيتبادلون معهم الكؤوس ..وسيلعبون معهم القمار ....نعم ..هناك منافقون ، وعملاء ، ومنبطحون ، ومطبلون ..لمن لم نكن نظن أن لهم مشجعون بالملايين ..ومتابعون لا يحصي عددهم إلا الله ..يا الله..وصلت مجتمعاتنا إلى درجة من الدياثة ..حتى تُعرض القُبل ، والرقصات ، والضم ، واللم ، بل أكثر من ذلك ..على مرأى ، ومسمع من العالم ، وعلى الهواء مباشرة ..يا الله ..أين مبادؤنا ؟!!..وهل حقيقة نعي وندرك ما يجري حولنا ؟!!..إذا مات الإسلام في قلوبنا ..فأين نخوة العربي الأصيل ؟!!..ألهذا الحد تخنّث الرجال !!..ألا واأسفاً على الدين ..واأسفاً على الرجولة ..أقسم بالله العظيم ..أنَّ مجتمعاً يتربى على مثل هذا ..فلا خير فيه ..ولا يستحق البقاء ..ولا يُرجى منه يوماً أن يغار ، أو يفزع للإسلام ..وبذلك يكون اليهود ، وعبَّاد الصلبان ، وعملاؤهم ..قد نجحوا ..في تغريب مجتمعاتنا ..وسلخها من هويتها ..فلا دين ..ولا عزة ..ولا حتى أدنى كرامة ..إنهم يمزقون الفضيلة ..إنهم يمزقون الفضيلة ..وينحرون الحياء والعفاف..عروض يومية مسموعة ، ومرئية ..ومشاهد حقيرة ، وساقطة ، ومائعة ..يراها كل شبابنا وبناتنا ..لتزرع في نفوسهم ..أبشع صور السقوط ، والانحطاط ..ومع التكرار ، والاستمرار ..تصبح الرذيلة ..أمراً طبعياً في حياتنا ..وتصبح الفضيلة ..في حياتنا تخلفاً ..ويصبح الحياء ..عقداً نفسية ..ويصبح العفاف والطهر والستر ..رجعية ، وغباء ..ولا زلنا نقدم لهم التنازلات علهم يرضون عنا ..فهل سيرضون ؟!..أنا أقول لكم متى سيرضون !!..لن يرضوا حتى ..تدخل الفاحشة والرذيلة كل بيت ..ولن يرضوا حتى ..يُرتكب الزنا في الطرقات ، والحدائق ..بل وعند أسوار المساجد ..والله لن يرضوا حتى ..يقول الأب لابنته : لا تتأخري مع أصحابك ، وانتبهي لا تجلبي لنا ذلّ وعار ..تدرون متى سيرضون ؟!..سيرضون ..إذا تحوَّل المسلمون جميعاً إلى يهود ، ونصارى ، وكفَّار ..وما أظنهم سيرضون ..وما أظنهم سيرضون ..أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } ..عباد الله ..احتلت المعازف أكثر يوت من المسلمين ..حتى صارت من الضروريات عند الكثير منهم ..حتى عند النوم ..بدل أن ننام على ..ذكر وقرآن ..ننام على ..موسيقى هادئة ، وألحان ..فُتن بها ..الرجال ..والشباب ..والنساء ..والأطفال ..فكانت النتيجة قلة الغيرة ..شغلت بغير مرضاة الله ..ضُعف الإيمان ..الذي يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان ..ومن أعظم آثارها ..عدم التأثر بالقرآن ..عدم التأثر بالقرآن ..قال ابن القيم ..إن حبّ القرآن وحب ألحان
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا
واللهو خفَّ عليهم لما رأوا
في قلب عبد مؤمن لا يجتمعان
تقييده بشرايع الإيمان
ما فيه من طرب ومن ألحان
انظر حولك ..لترى عجب العجاب ..كم رأينا ..رؤوساً تهتز على أصوات المزامير ..كم رأينا ..أجساداً تهتز على نغمات الألحان ..الرجال يتمايلون !!..نلوم النساء إن تمايلنَ..فكيف إذا تمايل الرجال ؟؟!!..ثم تقرأ عليهم آيات القرآن ..وعد ، ووعيد ..وجنة ، ونار ..قليل هم الذين يتأثرون ..عباد الله ..ماذا تعني لنا كلمة حرام ..لماذا لا نقف عندها ؟!..ولماذا لا نتدبر فيها ؟!..من الذي أحلَّ الحلال ؟..ومن الذي حرَّم الحرام ؟..أليس هو الله ؟؟!!..